المنافس المصنوع أمريكيا

المناظرة حول استراتيجية واشنطن تجاه الصين.

بواسطة إبراهيم الماجد
0 تعليق
--
استعادة

 

المراهنة الليبرالية الحقيقية

 

جون اكنبيري

 

سيتفق معظم المراقبين مع جون ميرشايمر أن المراهنة الليبرالية حول الصين لم تعمل (“التنافس المحتوم”، نوفمبر/ ديسمبر). لم يسبب الترحيب بالصين للاقتصاد العالمي بعد الحرب الباردة الى الانفتاح والليبرالية والظهور كلاعب دولي مسؤول في النظام الدولي. الأسوأ من ذلك أن الصين تحت إدارة الرئيس اكس جين بينغ أخذت منحى أكثر استبداديا وغير ليبراليا. ولكن يذهب ميرشايمر الى أكثر من ذلك بتصنيفه استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في التشارك مع الصين على أنها من أسوأ كوارث السياسة الخارجية الأمريكية وأن البديل كان استراتيجية الاحتواء والتي كان بإمكانها أن تجنب او تؤجل من صعود تهديد الصين.

 

ما فُقد في جدلية ميرشايمر هو أن سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين كان جزء لا يتجزأ من منهج عريض وواسع لتقوية أساس النظام الليبيرالي الأمريكي العالمي بعد الحرب الباردة، وهي استراتيجية جلبت معها الكثير من الفوائد والخسائر. بالبناء على نظام تقليدي مؤسس لفترة طويلة، دفعت وسحبت الولايات المتحدة النظام الدولي في اتجاه يحاذي بشكل واسع مصالحها وقيمها، ناشرا قواعد ومؤسسات لتعزيز الليبرالية الديمقراطية و موسعا التعاون الأمني مع الحلفاء في أوروبا و شرق آسيا ومكونا تحالف دوليا لمعالجة التهديد الحقيقي للإنسانية.

 

التراجع عن هذه الاستراتيجية مع بداية صعود الصين سيضع الولايات المتحدة في وضع أسوأ جدا ليس فقط عالميا، بل أيضا على مستوى مواجهة الصين. في عالم ميرشايمر، ستكون الولايات المتحدة محدودة الحلفاء والشركاء و ستواجه الصين بوجود عداوة ومظالم في النظام العالمي الذي يخلو من الاستقرار والازدهار وأقل قدرة على تشكيل تعاون ضروري لمكافحة مشاكل القرن الواحد وعشرين.

 

انتصار النظام

مع سقوط الاتحاد السوفييتي ــ البديل الأخير للنظام الأمريكي الليبرالي الذي اختفى ــ تسابقت الدول للانضمام للعالم الحر. تضاعفت نسبة الديمقراطيات في العالم من ٣٠ بالمئة في بداية ١٩٨٠ الى ٦٠ بالمئة تقريبا في بداية القرن الواحد وعشرين. توسع الناتو والاتحاد الأوروبي. تكاثرت اتفاقيات التجارة الحرة الإقليمية وفي ١٩٩٥، تكونت منظمة التجارة العالمية. ثابرت الولايات المتحدة على توسيع النظام العالمي الذي كان يشكل ثروة وأمنا ووميضا من العدالة الاجتماعية أكثر من سابقها من العصور. هذه كانت المراهنة الليبرالية الشاملة وكانت نجاح تاريخيا. تمنت القيادات الأمريكية بوضوح أن تصبح الصين لاعبا في هذا النظام الواسع، ولكن هذا لم يكن الهدف الأساسي. كان الهدف الأهم هو بناء نظام ليبرالي دولي موجها ومسيطرا من الولايات المتحدة وحلفاءها.

لا يستطيع الشعار الواقعي الذي ينادي به ميرشايمر كمرشد لمواجهة الصين رؤية و شرح او تقدير هذا النجاح. بعد نهاية الحرب الباردة جادل ميرشايمر والكثير مع الواقعيين بأفول نظام التحالف امريكي القيادة. “يعطي التهديد السوفييتي الغراء الذي يربط الناتو ببعضهم”، كتبها ميرشايمر في ذا اتلانتيك في ١٩٩٠. “بتوقف التهديد السوفييتي الهجومي، ستتخلى الولايات المتحدة عن القارة؛ وبعد ذلك سينفصل هذا التحالف الذي قادته الولايات المتحدة لأكثر من ٤٠ عام جالبا معه نهاية لحقبة نظام القطبين الذي أبقى السلام في أوروبا للأربعين سنة الماضية.  ولكن العكس حدث في أوروبا وكذلك شرق آسيا؛ اختفى التهديد السوفييتي ونجى نظام التحالف المقاد أمريكيا وتعمق التكافل بين الدول الديمقراطية الليبرالية.

بعد ثلاثين سنة من نهاية الحرب الباردة، يعود صوت الواقعين بما فيهم ميرشايمر لذات التساؤلات حول التحالفات الأمريكية تحت بند “التوازن ما وراء البحار” وبالجدلية القائلة بمحدودية أثر الأمن الأمريكي في العالم. يرى الواقعيين أنه يجب على الولايات المتحدة أن تركز على حماية الجزء الغربي مع إبقاء دور أمريكي محدود في حماية الحلفاء في أوروبا وفي شرق آسيا. ولكن بالتأكيد سيدعو هذا الانكماش الأمريكي الصين وروسيا لتوسيع امبراطوريتهم المنشودة ويعلن عودة العالم الواقعي بمأساوية المنطق المصاحب لها. وكما تصعد قوة الصين، يجب على الجميع أن يكونوا فرحين بعدم ذهاب الولايات المتحدة مع سيناريوا ميرشايمر الواقعي.

 

تشارك احتوائي

يفشل أيضا ميرشايمر في تقدير أن استراتيجية الولايات المتحدة تجاه الصين كانت أكثر من تشارك. عبر الإدارات المتعاقبة في فترة ما بعد الحرب البارد لم تبحث الولايات المتحدة لإدخال الصين في النظام العالمي. الصين كانت موجودة من البداية كعضو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وكمضيف لمجموعات إقليمية أخرى والتي تشمل اتفاقية عدم انتشار السلاح النووي في ١٩٩٢. ولكن شملت عنصرين اثنين إضافية للاستراتيجية الأمريكية.

الأولي هي بناء واشنطن توازن مضادة للقوة الصينية عبر تنشيط وتعميق النظام التحالفي في شرق آسيا. أعادت إدارة كلينتون التحالف الأمريكي-الياباني وأعادت تعريف الميثاق الأمني كقوة للاستقرار وبالتأكيد يصنف هذا العمل أحد أعظم نجاحات السياسة الخارجية الأمريكية ما بعد الحرب الباردة. في مقال ١٩٩٥، كتب عالم السياسة جوزيف ناي الذي عمل في وزارة الدفاع الأمريكية وعاكسا للتفكير السائد في فترة إدارة كلينتون بالقول “الصعود الصيني” وجاعلا المسألة استراتيجية ” عمق التشارك” في شرق آسيا. لم يكن واضحا جدا استمرار بقاء الولايات المتحدة أو بقاء التعهد الأمريكي الأمني في المنطقة من خلال نشر قواتها بعد الحرب الباردة. ولكن أُتخذ القرار وبقيَ التشارك العميق جزء أصيل من استراتيجية الولايات المتحدة الى يومنا هذا.

كان الجزء الثاني من استراتيجية الولايات المتحدة هي تقوية المؤسسات الإقليمية في المنطقة الواسعة من أسيا – المحيط الهادي. بالنظر الى ما وراء تلك الحدود التقليدية لشرق آسيا، عملت واشنطن مع استراليا، الهند ودول أمريكا لتعزيز اقتصاد وأمن منطقة اسيا والمحيط الهادي، الفكرة القائلة أنه كلما كان الإقليم كبيرا سيصبح أكثر انفتاحا وأقل قابلية لهيمنة للصين. وبهذه الجهود لم يكن مفاجأً أن الكثير من المهتمين ــ منهم صينيون ــ  أشاروا الى أن سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين كانت تشاركية احتوائية، وهو جمع ما بين التشارك والاحتواء.

كان الفشل الأساسي للاستراتيجية الأمريكية تجاه الصين هي في دمج الدولة الى النظام الليبرالي الرأسمالي بدون شروط قوية. أثناء الحرب الباردة كان النظام الليبرالي عبارة عن نادي، نوع من تبادل مساعدات مجتمعي والتي فيها الدول الأعضاء يحتضنون مبادئ الديمقراطية الليبرالية بمقابل الوصول الى النظام الأمني والتجاري الموجه غربيا. انتهى منطق المشروطية بعد نهاية الحرب الباردة. أصبح النظام الليبرالي أشبه بمركز التسوق والتي فيه الدول تختار وتأخذ أي شيء تريده من النظام. انضمت الصين واستفادت أجزاء من هذا النظام مثل شروط التجارة وتجاهلت البعض الآخر مثل الالتزام بحقوق الإنسان ودولة القانون والانفتاح. كتب ميرشايمر ” أنه كان يجب على القيادات الأمريكية التفاوض على اتفاق ثنائي تجاري جديد، واضعا شروط شديدة على الصين”. ولكن المشروطية تتطلب نظام ليبرالي متحد وصلب وليس عالمه الواقعي المنقسم والدول متنافسة فيه.

 

يُناقش ميرشايمر أنه كان يجب على الولايات المتحدة ــ أبعد من طلب الكثير من الصين فيم يتعلق بالتجارة ــ أخذ منعطف أكثر تطرفا وشدة؛ استراتيجية ما بعد الحرب الباردة ساعيا وراء التقييد النظامي لنمو قوة واقتصاد الصين. في تاريخه الافتراضي، كان بإمكان الولايات المتحدة ان تبقي الصين ضعيفة وفقيرة وهامشية. ولكن كان هناك أسباب للتشكيك على وجود خيارات مرغوبة او حتى ممكنة.

 

أول الشيء أن الجمهور الأمريكي لم يكن ليدعم الاستراتيجية الكبرى؛ وضع حذاء طويل في حلق الصين. سيجد أغلب الأمريكيون أن هذه السياسة مصادمة سياسيا ومشبوهة أخلاقيا. سيتعجب الكثير حول ماهية التهديد الصيني الجالب للسياسة الواقعية غير الليبرالية. وحتى الواقعين في ذلك الوقت لم يكونوا يرون الصين كمنافس نظير مستقبلي. خذ مثالا: في ١٩٩٢ سُرّب تقرير واقعي جوهري مكتوب من أحد مستشاري ديك تشيني للصحافة وكان يجادل أن مهمة الولايات المتحدة في العصر الجديد هو عدم ظهور قوة منافسة جديدة في اوروبا او آسيا، في المقابل ينظر الى المانيا واليابان ــ وليس الصين ــ كتحدي محتمل مستقبلي لقيادة الولايات المتحدة.

تذهب مشكلة تاريخ ميرشايمر الافتراضي أبعد من ذلك. سيتطلب الاحتواء التام للصين حلفاء وشركاء يرغبون في التعاون. ولكن في اغلب الأحيان ستحسب الدول الأخرى بدقة أن الصين ليس تهديدا لهم كما هو تهديد للولايات المتحدة. وبشكل أهم ستجد الإدارة الأمريكية نفسها غير قادرة على إبقاء استراتيجية الاحتواء لعقود طويلة. سيتطلب السعي وراء ذلك الطريق توحد داخلي في الطبقة السياسية، مجتمع التجارة، نخب السياسة الخارجية والذي في أفضل حالاته خيالي. كان ميرشايمر من فترة طويلة يدعوا للتشكيك العميق في قدرة الديمقراطيات الليبرالية في السعي وراد مصالحهم القومية. التخيل أنه كان بإمكان الولايات المتحدة فعل الكثير لمنع انتقال القوة الآن أو مستقبلا بعد عقود أو أن ذلك لا يمكن حدوثه هو ثري (rich) بعض الشيء. ولكن يقترح ميرشايمر في مقاله أن الاستراتيجية الكبرى الحذرة والمتماسكة ليست فقط ممكنة، بل لديها قدرة البقاء لأجيال.

متى ما عمل باستراتيجية ميرشايمر فستؤدي فعلا الى ضرر قومي ذاتي. ستضع سياسة الاحتواء الولايات المتحدة وشركاءها في انقسام كبير والنظام الدولي الليبرالي في فوضى عظيمة. ستخسر الولايات المتحدة اقتصاديا لدول أخرى استفادت من التجارة مع الصين. ستضعف سمعتها كقائدة دولية ضعفا لا يحتمل إصلاحه. وفي النهاية ستفشل الاستراتيجية لمنع صعود الصين. الأسوأ، ستنشأ الصين من جهد الاحتواء الفاشل أكثر قوة و تسلطا وأكثر انفصالا من المبادئ والأعراف الدولية الليبرالية. في عالم ميرشايمر الافتراضي، سينقص التعاون الصيني مع الولايات المتحدة أقل من الحالي، مع الحاجة الملحة للتعاون أكثر مع وجود حالة التهديد على الأرض المتتالية، كالاحتباس الحراري، الأوبئة، الحرب الالكترونية وانتشار النووي.

ميرشايمر صائب في أن الصين تشكل تحديا كبيرا للولايات المتحدة. كلا الدولتين منافسون مهيمنون برؤى عدوانية لنظام العالم. يريد الأول جعل العالم آمن للديمقراطية؛ الآخر يديد العالم آمن للسلطوية.  الولايات المتحدة تؤمن لأكثر من قرنين أن العالم آمن حين تكون الديمقراطية الليبيرالية مؤثرة. تُنازع الصين جدا هذا العالم وهناك تكمن مشكلة الاستراتيجية الكبرى. ولكن في مواجهة هذا التحدي، ستعمل الولايات المتحدة جيدا مع حلفاءها لتقوية الديمقراطية الليبرالية والنظام العالمي الذي يجعله آمنا ويتزامن فعل ذلك مع البحث عن الفرص للعمل مع منافسها الرئيسي.

 

 

من منظور تهديد الصين.

 

اندرو ناثان.

جون ميرشايمر على حق في النظر الى العوامل السكانية، الجغرافية وبنية النظام الدولي لتقييم التهديد الصيني على مصالح الولايات المتحدة. في رؤيته، سيزيد عدد سكان الصين الرهيب ثروة الصين أكبر تقريبا بمرتين من الولايات المتحدة ٢٠٥٠، غياب خط منقسم جغرافي واضح في آسيا بين المتنافسين يجعل الحرب موجودة في الذهن أكثر من فترة الحرب الباردة، وقلة حلفاء الصين يعطيها “مرونة كبيرة لإحداث مشكلة خارجية”. وكما أن التوازن القوى يتغير، تعمل الصين كما توقعت الواقعية تماما، يكتب هو: “من يستطيع لوم القيادات الصينية للسعي وراء الهيمنة على آسيا وأن تصبح دولة أقوى دولة في الكوكب؟”.

ولكن لا يؤدي الفهم العميق لهذه العوامل الى التوقعات الرهيبة الذي قدمه ميرشايمر. في كل موضوع تعاني الصين من ضعف أساسي. لن تصبح الصين اقوى دولة كما يقول أنها تريد ذلك، ” أقوى دولة في الفناء الخلفي وفي العالم لاحقا”. بدلا من ذلك، ستبقى الصين واحدة من عدة قوى دولية إقليميا وعالميا، ومشكلة التهديدات مهمة للمصالح الأمريكية، ولكن ليست وجودية.

 

مصادر القوة

تمتلئ بنية الصين السكانية بالمشاكل. أولا، يجب على الصين بناء دولة قومية حديثة داخل حدود امبراطورية تقليدية متعددة العرقيات. لقد ورثت الصين من سلالة كينج ٥٥ اقلية وطنية معترفة بها رسميا والتي تحتل مناطق استراتيجية حول قلب هان الصينية. من بين هؤلاء، الكازاخستانيين، المنغوليين، التايباتيين و وجماعات عرق الإيغور وهم منبوذين بشدة عن السلطة المركزية وتشكل مشكلة دائمة في الأمن الداخلي ووحدة الأراضي على الرغم من شدة التدابير التي أخذتها الصين لاستيعابهم.

في قلب الهان، يشيخ سكان الصين وسيبدأ بالانكماش في العقد القادم. ومع انخفاض معدل النمو الاقتصادي من بداية سنوات التي تلت ١٩٩٠ واحتمالية انخفاضه أكثر في العقد الذي يليه، من غير المحتمل أن الصين ستصل الى نصف الدخل الأمريكي للفرد في ٢٠٥٠؛ السيناريو الضعيف الذي يتوقعه ميرشايمر في مقاله. و الحكومة في نفس الوقت تحت ضغط كبير لتقديم مستوى معيشي جيد للطبقة الوسطى والعمال وكذلك للسكان القرويين الطموحين. وهذا هو سبب وراء القانون الصيني في ٢٠١٥ الذي عرف أساسيا الأمن الوطني في المستوى المحلي على أنه “غياب نسبي للتهديد الدولي والمحلي لقوة الدولة في الحكم، السيادة، الوحدة، وحدة الأقاليم، رفاهية الشعب، اقتصاد مستديم وتنمية اجتماعية، وغيرها من المصالح الوطنية الرئيسية”. وهو السبب في ٢٠١٧ حين عرف الرئيس الصيني “المبادئ المتناقضة” التي تواجهها الحكومة “بين التنمية غير المتوازنة وغير كافية وبين ارتفاع حاجات الشعب للحياة الجيدة”.

الموضع الجغرافي للصين غير مفضل. مع طول حدودها البحرية والبرية، تواجه الصين جيران مرتابة. ٧ من بين ١٥ دولة حدودية تشكل أكثر الدول سكانا في العالم (الهند، إندونيسيا، اليابان، باكستان، الفلبين، روسيا، وفيتنام) وخمس دول حاربتها الصين في ٨٠ سنة الماضية (الهند، اليابان، روسيا، كوريا الجنوبية، وفيتنام). ليس من ضمن جيران الصين صينيون ثقافيا او لديهم ارتباط أيديولوجي بالحزب الشيوعي الصيني. بإمكان الجميع التعاون مع الصين في مختلف الأوقات وعلى ومختلف الأسباب الاقتصادية والاستراتيجية، ولكن جميعهم يبحثون عن منع الصين من الهيمنة بالسعي دوما على علاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية. وكما يصبح السلوك الصيني أكثر جزما، الزيادة في التوازن المضاد أصبح واضحا. لقد ساومت الهند على استقلالها الاستراتيجي التقليدي للمشاركة في تدريب عسكري مشترك مع استراليا، اليابان والولايات المتحدة وهو جزء من الحوار الأمني الرباعي المعروف بــ كواد. لقد أخذت اليابان خطوة غير مسبوقة في إعلانها الرسمي أن استقرار مضيق تايوان هو مصلحة قومية. وكذلك قد أكدت استراليا على تحالفها مع الولايات المتحدة بقبولها طلب المساعدة على حيازة قوة بحرية نووية تحت اتفاقية ايكوس في ٢٠٢١. تحقيق الصين للهيمنة على جيرانها او الدول الصغيرة غير محتمل. تساعد الجغرافيا على شرح ضعف صيني آخر: قلة الحلفاء عدا كوريا الشمالية. هناك دول قريبة جدا لاستلام مساعدات كبيرة من الصين في حالة النزاع العسكري، ولكن جميعهم يخشون الصين أكثر من أي دولة أخرى. قلة الحلفاء هي عائق أكثر من كونه فرصة وبها تُحرم الصين طرقا لمضاعفة الضغط الذي يمكن وضعه على دول الجوار غير المتعاونة وتحرم أيضا من القدرة على وضع قوات عسكرية صغيرة حول العالم. وبالتأكيد، لا يوجد لدى ٦٠ من حلفاء وشركاء الولايات المتحدة مصالح متطابقة كليا مع واشنطن. لا يوجد ضمن هؤلاء من يٌعتمد عليه لمتابعة كل عنصر من عناصر استراتيجية الولايات المتحدة تجاه الصين. ولكن يُعقّد حلفاء الولايات المتحدة وشراكاتها حسبة الصين العسكرية، وتزيد من الضغط على بكين لتمتثل بالأعراف الدولية المقبولة بين الدول، ولتوسع الخيارات البديلة المتاحة للدول لتأخذ بالاعتبار قبولها بالاستثمار الصيني من عدمه.

وليس بنية توزيع القوى الدولية الحالي مبشر لهيمنة الصين الدولية. باستثناء سوء الإدارة الكارثية للدول الأخرى، تستمر الصين في مواجهة خمس قوى منافسة ـــ الهند، اليابان، روسيا، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ـــ في نظام متعدد الأقطاب الذي لن يختفي. فترة أحادي القطب، اذا كانت قد وُجدت، لا يمكن بعثها من جديد لا بيد الولايات المتحدة وبالتأكيد لا بيد الصين.

 

تصور التهديد

التحدي التي تواجهه الولايات المتحدة من الصين سيء بما فيه الكفاية بدون المبالغة. كما النظرية الواقعية تتنبأ، الصين غير راضية بالوضع القائم؛ هي مطوقة جدا بحلفاء واشنطن وشركائها، خطوط امدادات قواتها العسكرية معرضة للمنع من الولايات المتحدة، مجتمعها متأثر بالثقافة الأمريكية. تريد الصين لدفع الولايات المتحدة بعيدا عن سواحلها واضعاف حلفاءها وهذا يعني احتمالية النزاع الحقيقي خاصة حول تايوان. أتفق مع ميرشايمر في أنه اذا حدثت حرب، ستكون حرب محدودة، ولكن عالية التدمير والتراجيدية. واتفق أيضا أن هناك احتمالية ــ ليست عالية، ولكن أعلى من صفر ــ لتصعيد التبادل النووي.

ولكن ميرشايمر مخطئ فيم يتعلق بعزيمة الصين للسيطرة على تايوان سواء أعاد ذلك الى الأسباب العاطفية او التوسعية، لان هذا التوصيف يجعل الصين وكأنها دولة عدوانية غير عقلانية. نظرية ميرشايمر الواقعية ذاتها هي الأفضل في شرح سبب بقاء رغبة الصين في تايوان هو وجود أساس قانوني قديم لادعاء سيادتها وأهمية الجزيرة استراتيجيا واقتصاديا وتقنيا لأمن الصين. والاتساق الآخر مع الواقعية هو اهتمام الصين لتنجب ضربة مبكرة على تايوان، وبدلا من ذلك يتم ردع الاستقلال التايواني بأكبر قدر ممكن الى ان يتحقق ما تعلنه بكين “توحيد سلمي”. ولكن ردع الاستقلال التايواني قد فُهم أن على الصين بناء عتادٍ عسكريّ قادر على تهديد حاملات الطائرات وتوجيه قواعد القوات الجوية والبحرية، وهي التي تعتمد عليها الولايات المتحدة لصد أي محاولة لأخذ تايوان بالقوة. النتيجة: يرفع سباق التسلح الأمريكي – الصيني خطورة الحرب من خلال سوء التقدير.

ميرشايمر أيضا مخطئ لوصف هدف الصين الهيمنة على العالم. في العالم المتعدد الأقطاب، ستسعى الصين لتشكيل المؤسسات العالمية لمصلحتها كفعل أي قوة عظمى. ولكن ليس لديها أي مقترح للبدائل أخرى؛ مجموعة مؤسسات مسيطرة من بكين. تبقى الصين ملتزمة بقوة لنظام التجارة الحرة العالمية وكذلك في الأمم المتحدة وجميع وكالاتها الباقية. هي أيضا تشارك بنشاط في نظام حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لمساعدة حلفاءها ولإحباط منافسيها. تعمل مبادرة الحزام الحرير بجانب برامج تنموية قائمة ممولة غربيا. تسعى الصين للتأثير، ولكن لديها قليل من إمكانيات السيطرة ما دامت فعالية القوى الأخرى مستمرة في هذه المؤسسات. المبالغة في تقدير التهديد الصيني خطر وكذلك التقليل من شأنه. المبالغة في الخطر بخلق حالة من الذعر بين الشعب الأمريكي والإدارة الصينية يجعل من الصعب ادارتها. سواء كانت سياسة التشارك صوابا او خطأ كما يدعي ميرشايمر، سواء لم يوجد الخيار لتقييد نمو الصين أو وُجد كما يَعتقد، نحن فيم نحن الآن فيه. أتفق مع ميرشايمر على ضرورة قيام الولايات المتحدة إدارة الحالة والتي لا يعني مفاقمة الأسس الباردة الواقعية الموجودة كتحدي جاد.

 

حواجز الحرب

 

سوزان ثورنتون.

تولّد مقالة جون ميرشايمر شعور من الخوف والدمار. ” كانت سياسة التشارك أسوأ استراتيجية خاطئة قامت به دولة في التاريخ الحديث”، كتب ميرشايمر. وكنتيجة، “الصين والولايات المتحدة احتجزوا فيم يعرف بالحرب الباردة الجديدة…. واحتمالية تحول هذه الحرب الباردة الى حرب ساخنة”.

لا استطيع الاتفاق أن السياسة الأمريكية التشاركية مع الصين كانت استراتيجية رئيسية خاطئة. أثناء الحرب الباردة، نجحت هذه السياسة في اقناع الصين لإيقاف رعيها للثورة الشيوعية في شرق آسيا ومساعدتها في مقاومة الاتحاد السوفييتي. بعد نهاية الحرب البارد، مكّنت سياسة التشارك النمو اقتصادي الرهيب في الصين والذي وضعت مئات الملايين من الصينيين خارج الفقر. المهم أن نسبة الأفراد في العالم التي تعيش في الفقر الشديد بتعريف البنك الدولي نزل من ٣٦٪ في ١٩٩٠ الى ١٢٪ في ٢٠١٥. يعتبر هذا بالتأكيد نجاحا انسانيا رئيسيا.

الاستراتيجية الخاطئة هي وجود سلسلة من اخطاء توصل الى حدوث نزاع عسكري بين الصين والولايات المتحدة. يناقش ميرشايمر ان العوامل البنيوية تؤدي بلا خلاف الى نزاع. ولكن تهمل رؤيته الواقعية للموقف الوقائع الدولية الحديثة.

هناك عدة موانع قوية لاستمرار السلام بنتها الولايات المتحدة بجدية في العقود السابقة و تعتبر جزءا أصيلا من استراتيجية التشارك التي ينتقدها ميرشايمر. ساعدت هذه الحصون لإبقاء السلام والترويج للازدهار في ال٧٠ سنة الماضية وهي حاليا قوية لإعاقة نزاع امريكي- صيني. على الرغم من إمكانية وقوع أحدات او حوادث مربوطة بسياسة حافة الهاوية العسكرية، سيكون من الصعب جدا حدوث حرب واسعة. هذا سيتطلب بعض من الاحتمالات البعيدة جدا، الفشل المتزامن لكل الموانع.

أولا، لابد للدبلوماسية الثنائية أن تنهار. التشارك هو عكس الانفصال وهذا يشرح غياب العلاقات الأمريكية الصينية من ١٩٤٩ الى ١٩٧٢. الهدف من سياسة التشارك هو تفادي التصورات الخاطئة، تقديم ضمانات تجنب النزاعات. في الحقيقة، كانت الدبلوماسية والاتصال بين الصين والولايات المتحدة عدوانية في الخمس السنوات الماضية. ومن الصعب ادراك السياسة الرسمية وسط النشاز الحالي الدبلوماسي المنشور في تويتر وغيرها، وهي قد شكلت بيئة من التشوش و ردة الفعل المبالغ فيها. ولكن هذه القصور ليس بنيوية؛ بالإمكان علاجها.  اذا تواصلت القيادات العليا في كلا الدولتين بمثابرة وعملوا لخفض الظهور العام، كما يجب، الموانع الدبلوماسية للحرب ستتعزز. لتحدث الحرب، يجب أيضا أن يفشل النظام الدولي.  الصين والولايات المتحدة مرتبطين بشبكة عالمية من دول ومؤسسات والتي لديها رهان ـ وفي بعض الأحيان لديها رهان وجودي ــ لإعاقة الحرب بين الدولتين. ستتأثر تقريبا كل حكومة ومؤسسة في العالم بالحرب الأمريكية-الصينية وجميعهم سيحاولون منع النزاع الوشيك من خلال الضغط الدبلوماسي، الوساطة، او المقاومة مثل سحب حق التحليق والمرور. سيستعجل النقاد نفي تأثير الآخرين في حالة تشابك قوى عظمى. ولكن وفي النظام الدولي الحالي، لا يمكن أن يخرج أحد من الطرفين منتصرا، وسيرى أولئك الذين خارج الولايات المتحدة والصين هذا بوضوح.

وبالتالي هناك مانع كونتها العولمة. يجادل ميرشايمر أنه كان خطأ كارثيا للولايات المتحدة حين ساعدت الصين لتزيد ثروتها والتي لاحقا ستنتج قوة تؤدي لتحدي الولايات المتحدة. ولكن هذا أيضا معقول كون طبيعة الاقتصاد العالمي متكامل ومتشابك، وكذلك اقتصاد الصين والولايات المتحدة خاصة يجعل الحرب لا انتصار فيها وبالتالي تصبح عاملا رادعا للنزاع. هناك حقيقة يبرزها الكثير من النقاد حول فشل الارتباطات الاقتصادي في منع الحرب العالمية الأولى. ولكن لم تكن العلاقات الاقتصادية في بداية القرن العشرين قريبة لتعقيد وتشابك نظام الاقتصاد الدولي الحالي. وفي حالة الصين والولايات المتحدة، لقد كونوا حالة من تأكيد التدمير الاقتصادي المتبادل.

المانع الآخر هو الرأي العام، على الأقل في الجانب الأمريكي. تجاوب الساسة في الولايات المتحدة بدوافع متباينة، ولكن لا يستطيعون تجاهل آراء ناخبيهم. وبعد 20 سنة من الحرب على الإرهاب، بالتأكيد يحذر الشعب الأمريكي من النزاعات الخارجية الطويلة والمكلفة. اذا ظهر صناع القرار الأمريكيين باتجاه النزاع مع الصين، سيتوقع أحد أن الصحافة، بعد درسهم الذي تعلموه من الحرب علي العراق، ستؤدي مهمة المراقبة، مشككا في الروايات الرسمية ومفعلا الاهتمام الشعبي.

يجب على كل هذه الموانع العمل على منع النزاع. ولكن حين لا تعمل، هناك فشل أخير آمن يصعب التخيل بعدم عمله؛ الردع العسكري. تمثل تايوان السبب الأقوى لاحتمالية نشوء حرب صينية-أمريكية. ولكن يُترجم الكم والكيف لسلاح الطرفين في خسائر كارثية للجميع، والتي يجب أن تكون رادع مهما للحرب. وبسبب التدمير المصاحب للنزاع حول تايوان الذي سيكون خارج السيطرة، لا يستطيع أحد ان استبعاد استخدام السلاح النووي. الغريب كما يظهر ان هناك أخبار جيدة: كما أن العصر النووي منع نزاع عسكريا مباشرا بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة لأكثر من 40 سنة، فالأحرى أنه سيمنع حدوثه بين الصين والولايات المتحدة، حيث كلاهما يملك قوى نووية ويملكان قدرة الضربة الثانية. على الرغم من امتلاك الصين أقل رؤوس وصواريخ من الولايات المتحدة ــ الشيء الذي تعمل الصين لاستدراكه ــ تستمر فعالية عقيدة التدمير المتبادل المؤكد. يبقى توازن الرعب متماسك.

بالنظر الى مجموعة من الاحتمالات الفاشلة، يمكن لأحد إيجاد سببٍ للتشاؤم بسبب أن كل قيد قد أخذ حصته من الفشل في السنوات الأخيرة. ولكن ليس الصين ولا الولايات المتحدة حبيسي الماضي. سيجد كلا الدولتين صعوبة تجنب الآخر وأخيرا سيسعون للتعايش. يبدو حاليا أن هذا بعيد المنال، ولكن هذا أبعد نتيجة محتملة ــ بالنظر الى التوقعات المناظرة لهاــ من حرب نهاية العالم.

 

في البحث عن الاستراتيجية

سان شي.

 

في نظرة جون ميرشايمر، الصين في مهمة واحد للسيطرة على الولايات المتحدة وبالتالي النزاع بين القوتين محتوم. ولكن هذه الجدلية حول ما تريد بكين خاطئة. في الواقع، تتموضع الصين في وسط عملية من البحث عن الروح، بتعدد وجهات النظر داخل الدول حول مستقبل العلاقات الأمريكية-الصينية. الفكر الصيني ليس متجانسا وتوجهه الاستراتيجي ليس مقررا مسبقا. هناك عدة آراء صينية حول العلاقة مع الولايات المتحدة. الأولى ترى أنه بسبب القيود الداخلية ستنموان الدولتان حتميا بمعزل عن بعضهما، على الأقل في مجالين رئيسين كالعلم والتقنية. الثانية ترى أن واشنطن مصممةٌ على احتواء بكين وتقليص قوتها، جاعلة التسوية مستحيلة والتعاون عقيم. يبقى رأي أخر يؤكد التفاعل الطبيعي في المواجهة بين الدولتين ويرى معركة حاسمة في الأفق والتي تفرض على الصين الاستعداد ولو بشكل جزئي بالعمل بقرب مع ايران، كوريا الشمالية، روسيا وكذلك طالبان التي تدير أفغانستان. هذه الآراء المتداخلة تظهر شعورا بالتشاؤم والعدوانية.

يرى ميرشايمر أن هذا النوع من التفكير هو الموجِّه والمرشد للسياسة الصينية. ولكن في الحقيقة هناك رأي اخر معاكس تجاهله ميرشايمر يُبقي الأمل موجود لعلاقة منتجة مع واشنطن. كما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في 2017 ” هناك آلاف الأسباب التي تجعل العلاقة الصينية – الأمريكية تعمل، ولا سبب لقطعها”. لقد كرر تشين غانغ السفير الصيني للولايات المتحدة رسالته في يوليو ٢٠٢١ قائلا عن التعاون أنه كان ” نداء العصر ورغبة الشعب”. وأضاف ” الصين والولايات المتحدة تدخل دورة جديدة من الاكتشاف المتبادل، التفاهم والتكيف، محاولين إيجاد طريق للتعايش مع بعضهم في العصر الجديد”. في هذه الرؤية التفاؤلية، بإمكان بقاء الروابط الثنائية حتى في أشد الفترات العدائية.

المناظرة حول استراتيجية الصين تجاه الولايات المتحدة ستستمر. يناصر بعض الإعلام الصيني التوجه الحازم، ولكن معظم المستشارين الاستراتيجيين مصرين على سياسة الاستيعاب. بالفعل، شي وبقية من القيادة الصينية بالتأكيد حذرين. لقد امتنعوا اظهار نقد القيادة الأمريكية خاصة الرئيس. (في أغسطس ٢٠٢٠، عاقبت بكين ١١ سياسي أمريكي ومنظمات ديمقراطية قد انتقدت الصين، ولكن كانوا منتقين بدقة وأتت العقوبات فقط بعد أن وضعت واشنطن قيود بالتساوي على عدد من المسؤولين الصينيين.) تفهم القيادات الصينية أن دولتهم ستعاني جدا حين تتحول العلاقة الحلوة الى مُرّة، اذا أعطى الفوز للطرفين طريقا للتدمير المتبادل. في داخل الدوائر الدبلوماسية، لدى هذه السياسة لإدارة العلاقة مع الولايات المتحدة شعار “انتقد ولا تنفّر؛ قاتل حول المصالح الرئيسية ولا تقطع العلاقة”.

تستطيع سياسة التشارك ــ والتي قضى ميرشايمر وقتا طويلا في مقاله لنقدهاــ أن تأخذ بعض الفضل في الجهد المسالم الموجود في التفكير الصيني. بإمكان ميرشايمر وصمها “بالسياسة الخطرة” ولكن قد جلب الرهان ثماره. حدّثت سياسة التشارك الصين لدرجة استثنائية. خفّضت هذه السياسة معدل الفقر في الصين وكوّنت تدريجيا طبقة عمالية وسطى كبرى ليبرالية التفكير وعالمية. محليا، حققت هذه الطبقة الوسطى بأغلبية عالية بعض القيم كالحرية وحقوق الملكية، وفي السياسة الخارجية فضلت السلام والتفاوض. على الرغم أن المجموعة لا تملك قوة مباشرة في مستقبل الصين، لا تستطيع القيادة تحمل تجاهلها بشكل كلي. وسوف ينتهي نفوذها في الصين حين ترتفع العداوة بين القيادة الأمريكية – الصينية.

ينظر ميرشايمر للصين وكأنها آليا متجهة للحرب: متى ما تحقق ذلك، ستتجه الصين لتوسيع قوتها. يقول ميرشايمر أن قوة الصين، وقوميتها، وقلة حلفائها ستحفز الدولة لتعديل الوضع القائم دوليا. ولكن هذه الصورة للنوايا الصينية تهمل الحقيقة أن التشارك مع الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة ساعدت الصين للاندماج في النظام الدولي. مع جود تأكيد الصين على السيادة والمفاوضات، الأدق هو القول أنها دولة محافظة ودولة وضع قائم. بالمقابل، يمكن القول أن الولايات المتحدة قد أظهرت انها دولة تعديلية. لقد حاولت الدولة تصدير الديمقراطية لأفغانستان والعراق. في آسيا، تسعى لمحاصرة الصين بتشكيل مجموعة اوكوس الأمنية (AUKUS) مع استراليا والمملكة المتحدة وانعاش مجموعة الحوار الأمني الرباعي ((Quadrilateral Security Dialogue مع استراليا، اليابان والهند. يخطئ ميرشايمر حين يرى الصين دولة مهيمنة نامية وهدفها الوحيد هو تحدي الولايات المتحدة. ولكن ترى الصين نفسها كضحية للتنمر. كقوة صاعدة وليس كليا صاعدة، أيا كانت فهي لن تسلّم أملها للتعايش او حتى التعاون مع النظام الدولي الحالي.

خطأ وصفة ميرشايمر كخطأ تشخصيه. حين كان مصدر المنافسة الأمريكية – الصينية “بنيوية”، يكتب ميرشايمر، “لا يمكن للمشكلة أن تُجتث بسياسة حذقة”. يستنتج ميرشايمر بالقول ” في افضل حال، يمكن إدارة المنافسة في أمل تجنب الحرب”. وبعدها قدم توصيتين لواشنطن: “إبقاء قوات كبيرة تقليدية في شرق آسيا لإقناع بكين أن الاشتباك العسكري سيؤدي في أفضل الحال الى انتصار مكلف” و “يعمل على انشاء قواعد واضحة لشن هذه المنافسة الأمنية ــــ مثلا، اتفاقيات لمنع حوادث في البحر او حوادث اشتباك أخرى عسكرية”. التوصية الأولى تفترض أن الصين يمكن ردعها بالحرب، والثانية أن الصين ستكون عقلانية بكفاءة لتتبع شفرة واضحة للسلوك. اذا كان ميرشايمر مقتنع أن هذه السياسات تقدم أفضل الخيارات للخروج من هذه المنافسة الأمريكية – الصينية، فبالتالي هو أساسيا يناقش أنه مع وجود قيادة حكيمة وقرارات عقلانية في كلا الطرفين، يمكن تفادي أسوأ النتائج. اذن معاكسا لما يدّعي، لا تستطيع البنية لوحدها تحديد مستقبل؛ الفاعلين مهمين.

وبدلا من تأييد رؤية ميرشايمر الظلامية حول العلاقة الأمريكية – الصينية، يجب على واشنطن الاعتراف أنه يمكن لهذه العلاقات أن تتسم بالأخلاق والتفاهم والبراغماتية. تظهر إدارة بايدن بالتمسك بذلك.  كما وضعها وزير الخارجية الأمريكي في ٢٠٢١، ” علاقاتنا بالصين سوف تكون منافسة حين تستوجب ذلك، وتعاونية حين نستطيع ذلك وتخاصمية حين يلزم ذلك”. يستطيع ميرشايمر نقد هذه السياسة كساذج او كحمام سلام كما قد فعل مع سياسة التشارك. ولكن قد اظهر تاريخ العلاقة الأمريكية – الصينية أن القيادات في كلا الدولتين لا تحتاج الى تقييد الفواعل البنيوية. سواء كان تطوعيا او فرضا، بإمكانهم اختيار التعاون على النزاع.

 

ردود ميرشايمر.

من الجيد رؤية جون اكنبيري يعترف بأن سياسة التشارك فشلت فشلا رهيبا؛ بكلماته: الصين والولايات المتحدة حاليا “متنافسين على الهيمنة برؤية عدوانية في النظام العالمي”. عدم قدرته على الدفاع عن سياسة التشارك مع الصين جعله يركز على السياسة الواسعة للهيمنة الليبرالية التي فيها سعى صناع القرار الأمريكيين خلال فترة أحادي القطب. بغرابة هو يبقي ذلك بالقول ” لقد كان نجاحا دوليا تاريخيا”.

لا تدعم الحقيقة هذا الادعاء. انظر الى وضع الولايات المتحدة في العالم اليوم وقارنها مع وضعها ١٩٩٠. في ذلك الوقت كانت الولايات المتحدة الدولة العظمى الوحيدة في الكوكب، واليوم تواجه قوتين عدائيتين وخطيرتين: الصين وروسيا. النظام الليبرالي العالمي الذي يؤيده اكنبيري لعقود في حالة يرثى لها. السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط الكبير قد فشل تقريبا في كل جزء وقد أدى أعدادا ضخمة من الموت والدمار. الديموقراطية ــ والتي ظهرت الهدف الأسمى بعد الحرب الباردة ــ حاليا في تراجع. الأسوأ أن الديموقراطية الأمريكية تحت الحصا. جزئيا يذهب اللوم على الافراط والفشل في الهيمنة الليبرالية. يقول لنا اكنبيري أن الولايات المتحدة أكثر أمنا في عالم تهيمن فيها الديموقراطيات الليبرالية. ولكن السياسات التي يقدمها من فترة طويلة تقوّض الديموقراطية داخليا ودوليا، جاعلة الدولة بمنطقها أقل أمنا.

أخطأ اكنبيري في توصيف رؤيتي فيم يتعلق بالاحتواء، مدعيا أنني أُفضّل أن تحاول الولايات المتحدة “إبقاء الصين ضعيفة، فقيرة وهامشية”. انا لم اقم بذلك لأنه هدف غير واقعي؛ كان دائما مصير الصين النمو اقتصاديا. ما كنت ناقشته هو أنه كان يجب على واشنطن السعي لإبطاء نمو الدولة، ليس فقط تأجيل اليوم التي تصبح فيها قوة عظمى، ولكن للتأكد أيضا أنها لن تصبح أبدا منافسا نظيرا.

اكنبيري صائب حين يقول أن الاحتواء لم يكن خيارا ناجعا بالنظر الى معارضة حلفاء وشركاء الولايات المتحدة والتي تشمل نخبة السياسة الخارجية. هذه بالضبط نقطتي: كانت مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية مفتونة بسياسة التشارك ولم يكن لديها الوقت للجدليات الواقعية. ولكنني أؤمن لو أن القيادات الأمريكية كانت قد التزمت بالواقعية، لكانت استطاعت تشكيل سياسة احتوائية فعالة تجعلها تتمتع بدعم كبير داخلي وخارجي. بعكس رؤية اكنبيري، تشكل الصين القوية تهديدا أعظم لجيرانها الآسيويين اكثر من التهديد ضد الولايات المتحدة.

قبل القول أن سياسة الاحتواء غير ممكنة و “أنه كاد يكون فعلا يسبب ضررا وطنيا ذاتيا” يدعي اكنبيري أن الولايات المتحدة حقيقة سعت خلف الجمع بين “التشارك والاحتواء” للصين. هذه السياسة “الاحتوائية التشاركية” يكتب هو، انها تتمثل في مقالة جوزيف ناي ١٩٩٥ في أوراق حول “التشارك العميق” في شرق آسيا، استراتيجية يصورها اكنبيري على أنها مرادفة للاحتواء العميق. يزخر بهذا الجدل مشاكل كثيرة. أولا، لا يستطيع اكنبيري منطقيا القول أن سياسة الاحتواء كانت سياسيا غير ممكنة وفي نفس الوقت أنها جزء مركزيا في السياسة الأمريكية. ثانيا: التشارك والاحتواء ليستا استراتيجيتان معاصرتان، يقبل التشارك أن توازن القوى العالمي سينتقل الى لمصلحة الصين بما أن الدولة تتطور، موقف يخالف مباشرة الاحتواء. ثالثا: صناع السياسة بمثابرة رفضت الاحتواء، كما فعل ناي بنفسه في مقاله التي نقلها اكنبيري. ” من الخطأ تصور الصين كعدوة” كتب ناي. “ستكون استراتيجية الاحتواء صعبة لتعديلها” يضيف هو. بإمكان العداوة أن تصبح تنبؤا ذاتيا ناجحا. كانت سياسة إدارة كلينتون التشاركية أفضل أسلوب للتعامل مع الصين الصاعدة”.

يدعي اكنبيري أنني كمدافع “لسياسة التوازن ما وراء البحر” سيكون لدي القليل من الحلفاء و “أنه يجب أن تركز واشنطن على الدفاع عن الجزء الغربي من العالم، مع دور محدود وبعيد لحماية الحلفاء في أوروبا وشرق آسيا”. أنا لم أجادل بذلك ابدا مع احترامي لشرق آسيا. على العكس من ذلك، أنا منذ فترة قلت أن الولايات المتحدة ليس لديها خيار غير مواجهة الصين مباشرة بما في ذلك الدفاع عن تايوان وأنه يجب العمل بقرب مع الحلفاء لاحتواء الصين.

أخيرا، توحي وصايا اكنبيري لكيفية التعامل مع صينٍ قوية أنه لم يتعلم ولو قليلا من التجربة السابقة. بعد أن بدأ رده بالاعتراف بأن التشارك فشل، ينهي ذلك بتوصيته للولايات المتحدة بالتركيز على “إيجاد فرص للعمل مع منافسها الرئيسي. هذي التجربة ليست جديدة عليّ. النتائج تحكي ذاتها.

 

ماذا تريد الصين

يركز اندرو ناثان على التشارك أقل من تطور التنافس الأمريكي – الصيني الاستراتيجي. يحذر من مبالغتي عن التهديد الصيني وتكويني الذعر. لا يقول أن الصين ورقة نمر، ولكنه يميل الى هذه الاتجاه. يبقي خصيصا أن الدولة “تعاني من ضعوف أساسية” ولن تصبح مهيمنة إقليمية وهي أقل من أقوى دولة في العالم.

لم أقل ابدا أن الصين في الحقيقة ستسيطر على آسيا أو ستكون الأولى عالميا. ولكنني أجادل أنه بينما الصين تنموا بقوة، ستحاول لتحقيق هذه الأهداف. وكردة فعل، ستذهب الولايات المتحدة وحلفاءها لأبعد نقطة لاحتواء الصين، كما فعلوا مع الإمبراطورية اليابانية، المانيا النازية والاتحاد السوفييتي. وبغض النظر، من المحتمل أن المنافسة القادمة بين بكين وواشنطن خطرة أكثر مما اعتقد ناثان.

تايوان هي المسالة المفصلية. يعترف ناثان أنه بينما تحاول الصين “دفع الولايات المتحدة بعيدا عن سواحلها واضعاف حلفاءها، سيكون هناك ” فرصة حقيقة للنزاع، خاصة حول تايوان”. ولكنه يرى تايوان من وجهة نظر واقعية صرفة و رافضا جدليتي بإمكانية تحفيز القومية النزاع حول تايوان على أساس أن توصيفي يجعل الصين كأنها عدوانية وغير عقلانية. الحقيقة أن بكين ترى تايوان إقليما مقدسا وهي ملتزمة جدا بجعلها جزءا من الصين. ولكن تقف اليابان والولايات المتحدة في طريق الصين والتي تجعل احتمالية النزاع حول الجزيرة أكثر مما قد يتوقعه المنطق الواقعي.

هناك بعد ذلك ادعاء ناثان أن “الصين تعاني من ضعوف رئيسية” التي ستعيق جهودها للسيطرة على آسيا. فعلا تواجه الصين تحديات متعددة، ولكن بالغ ناثان حولها. مثلا، تحتوي الصين على عدد من الأقليات، ولكن ٩٢٪ من سكانها هان الصينيين وهناك ولا توجد ادلة كثيرة حول اضطرابات عرقية تهدد القوة الصينية. يدعي ناثان أن الصين تعمل في عالم متعدد الأقطاب والتي تواجه فيه “خمسة منافسين أقوياء”. ولكن الاتحاد الأوروبي ليس دولة، الهند واليابان ليستا قوى عظمى وروسيا ليست خصما. الولايات المتحدة هي القوة العظمى المنافسة للصين. وبالتأكيد، لابد للصين أن تكافح ضد توازان تحالف الولايات المتحدة التي يضم الهند واليابان، ولكن هذا ليس قريبا من مواجهة خمس قوى عظمى متمركزين جيدا لإيقافها من تحقيق الهيمنة الإقليمية. الحالة مفضلة أكثر للصين كون الهند، اليابان والولايات المتحدة بعيدين آلاف الأميال عن بعضها البعض، والتي ستعيق قدرتهم للعمل معا لاحتواء الصين. إضافة على ذلك أن الصين ليست خالية من الأصدقاء كما يصورها ناثان: عززت الدولة بتزايد علاقاتها الصديقة مع أقوى جارتين، باكستان وروسيا.

أصعب سلسلة من الصعوبات عرفها ناثان هي شيخوخة سكان الصين، ولكن من الصعب التعرف على تأثيرها في المستقبل المتوقع. بالتأكيد ستتجه بكين للتقنية لتخفيف هذه المشكلة والتي مهما فعلت ستأخذ عدة عقود لتحقيق تأثير واضح. أيضا هناك منافسين للصين يتعاملون مع ذات مشكلة التحديات السكانية والتي تشمل اليابان، كوريا الجنوبية وحتى كذلك الولايات المتحدة الى حد ما. يجادل ناثان بوضوح أنه من المحتمل أن يتباطأ اقتصاد الصين بهذا الاتجاه. يحتمل أنه على حق، ولكن من الصعب معرفة كم سينمو هذا الاقتصاد في العقود القادمة (وكذلك كيف سيكون أداء اقتصاد الولايات المتحدة في ذات الفترة). أي كان، توقع قلة من الخبراء نمو الرهيب للصين في ٣٠ سنة الماضية. ولكن، حتى لو يتباطأ نمو اقتصاد الدولة بأقل من السنوات الماضية، سيبقى اقتصادها قوي جدا وستعطي بكين سببا عسكريا ملائما لتسبب لجيرانها والولايات المتحدة مشاكل كثيرة.

 

احتمالات الحرب

 

لا تتفق سوزان ثورنتون مع توصيفي لسياسة التشارك بعد الحرب الباردة بأنها “أخطاء استراتيجية”، وتجادل أن هذه السياسة “أخرجت ملايين الصينيين من الفقر” والتي هي ” انجاز انساني أساسي”. أتفق مع ذلك، ولكن ليس لدى هذا الإنجاز أي ارتباط بأمن الولايات المتحدة وهي القضية المطروحة على الطاولة. لم تشرح ثورنتون من وجهة نظر أمريكية  لماذا سياسةٌ عجلت نشأة منافس قوي لم تكن زلة كبيرة.

تعترف ثورنتون أن الصين والولايات المتحدة حاليا منغمسين في تنافس أمني مكثف والتي تجعل أحد يستغرب لماذا لا تتحفظ على سياسة التشارك التي أوصلتنا الى هنا. من الممكن أن السبب أنها ليست قلقلة أن هذا التنافس سيؤدي الى حرب، مجادلة أنه “هناك عدة قيود قوية حاضرة ليستمر السلام”. هي تقول انها تختلف مع ما أؤمن به أنه هذه المنافسة “حتمية التوجه الى حرب نهاية العالم”. ولكنني لم أقل أن الحرب حتمية. بالفعل، أنا أكدت أن الحرب غير محتملة. بعد وصف الطرف المختلفة للقتال المحتمل وقوعه، كتبت ” لا يعني هذا القول أن سيناريوهات الحروب المحدودة هذه محتملة”. وبوضوح، أعترف أن هناك عوائق كبيرة لنزاع مسلح. إلا أن هذه العوائق ليست منيعة كما المنطق والتاريخ يقول.

الجدير بالذكر أن القوى العظمى سابقا تصادمت ببعضهم البعض قبل حروب نابليون، حرب القرم، الحرب الفرنسية – البروسية، الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية. في بعض الحالات كان هناك شراكات تجارية مهمة بينهم، ولكن حدثت حرب كبرى. وعلى الرغم أن بإمكان ثورنتون التمني أن الانتصار يبقى ممكنا في الحرب الحديثة؛ ليس كل النزاعات تؤدي الى “خسارة كارثية للكل” كما تتوقع في الحرب الأمريكية ـ الصينية. الحرب دائما احتمال حقيقي حين تتصارع القوى العظمى على الهيمنة الإقليمية. مساعدة الصين للصعود بقوة جعل الصدام من هذا النوع اكثر ممكنا اذا لم يكن محتما.

شبيها بثورنتون، أساء سان شي فهم جدليتي حين ادعى أنني أرى الصين “مصيرة للحرب روبوتيا، جاعلا الحرب الأمريكية – الصينية حتمية. في الواقع، أجادل أنه ـ بعكس الحرب ـ  لا مفر من التنافس الأمني، كما يجب على سان الاعتراف كونه اقتبس مني قائلا ” يمكن إدارة هذه المنافسة للأمل بتجنب الحرب”.

يبدو سان يفكر بإمكانية تجنب التنافس الأمني المكثف، ولكنه مخطئ. في رؤيته، الصين ” قوة وضع قائم محافظة” وأن الولايات المتحدة تتجه للصين بسياسة تؤكد على التعاون على النزاع. الصين بوضوح ملتزمة بالتغيير الراديكالي للوضع السياسي القائم فيم يتعلق بشرق الصين وبحر جنوب الصين، تايوان، وحدودها مع الهند. في ذات الوقت، لا تظهر إدارة جو بايدن الأمريكية أي إشارة للعودة الى سياسة التشارك الفاشلة. لا تمانع الحديث مع بكين وإدارة العلاقات الثنائية، ولكن الدليل المتاح لدينا كاستمرار حرب رئيس أمريكا السابق ترامب التجارية وتكرار التلميحات لنمو التزام الدفاع عن تايوان توضح أن بايدن وفريقه يتجهون لإبقاء استراتيجية الاحتواء الصلبة.

كذلك تؤكد أنه على الرغم من كثرة الصينيين المتشائمين حول مستقبل العلاقة الأمريكية – الصينية، هناك الكثير ممن ابقوا رؤية تفاؤلية والرغبة في تحسين العلاقة. ذات الشيء موجود في الولايات المتحدة. إلا أنه في النهاية هذه المناظرات تضعف أمام ضغوطات التنافس الموروثة من النظام الفوضوي، والتي يلزم فيها الدول في نهاية المطاف على الاهتمام بذاتها. هذه الضغوطات ستحفز الصين لتسعى للهيمنة في آسيا وتقود الولايات المتحدة لمحاولة منعها حتى اذا كان هناك مخالفين في كلا الدولتين.

يكتب سان أن “التشارك حدّث الصين لدرجة استثنائية”. بالتأكيد هو محق وهذه أخبار سعيدة للصين. ولكنها ليست جيدة للولايات المتحدة، والتي ساعدت بخطأ تكوين منافس نظير والذي يمكن في نهاية المطاف عدم القدرة على احتوائه.

 

 

المرجع: https://www.foreignaffairs.com/articles/china/2022-02-11/china-strategy-rival-americas-making.

You may also like

أترك تعليق هنا

جميع الحقوق محفوظة لمجلة وتيرة 2023

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00